أخبارتعليم وتربيةمقالات واراء

الطفل والمؤطر اللاتربوي … عمل جمعوي من التطوع إلى الإنتهازية والريع .

زكرياء المغاري / مكتب فاس .
لعل المتتبع للشأن الجمعوي بالمغرب يدرك جيدا أهمية الفعل الجمعوي في تحصين المواطنين، وفئة الشباب منهم على وجه الخصوص، ضد كل أشكال التطرف وفي الدفع بعجلة التنمية للأمام، وتأطير الطفولة تربويا وأخلاقيا و تنشأتها على حب الخير والتطوع لكن المشهد المتداول للأسف لواقعة الطفل تعيد السؤال الجوهري للواجهة ، أي عمل جمعوي يمارس .
نظرا لما يسجل للأسف من بعض الممارسات والسلوكيات الشاذة التي تسيئ إليه وإلى الأهداف النبيلة التي يسعى إلى تحقيقها، فالانتقال من اتخاذ العمل الجمعوي مطية لنسج علاقات مشبوهة مع بعض الإدارات والمؤسسات لتحقيق تطلعات شخصية دنيئة، أو خلطه بما هو سياسي في خلطة هجينة هي أقرب ما تكون إلى تلك الخلطات التي تصفها الشوافات لكل من أراد أو أرادت أن تطرد عنها العكس وتجلب القبول، وبيت القصيد هنا طرد العكس الانتخابي وجلب أصوات الناخبين، الى استغلاله لتصريف المكبوتات الداخلية للبعض على الأطفال تحت غطاء العمل الجمعوي واستغلاله في تنظيم مخيمات او رحلات …
ومن دون أن ندخل في لعبة الأرقام عن الحجم الكمي للجمعيات بالمغرب والفورة التي عرفها هذا الإطار التنظيمي، الذي صدر أول نص منظم له سنة 1958 في المغرب، بحيث تقدره الكثير من المصادر ما بين 50 و70 ألف جمعية، ينبغي الاعتراف بأن بلادنا تعرف عددا مهما من الجمعيات. وبطبيعة الحال، يوجد ضمن هذه الإطارات الغث والسمين، الفاعل والجامد، الناجع والمجرد من كل تأثير، ذو المصداقية وفاقدها، المنضبط للقوانين والمستهزء بها، الذي يخدم الصالح العام والذي يخدم مصالح خاصة وفئوية، الانتهازي والمتجرد من الذاتيات… وهلم متطابقات ومتناقضات.
غير أن ما لا يمكن أن ينكره ملاحظ موضوعي وباحث نزيه، هو أنه بقدر ما توجد جمعيات تخدم الأهداف النبيلة التي تأسست لأجلها، توجد جمعيات خلقت للانتفاع ونهب المال العام تحت غطاء جمعوي وانتهاز الفرص، لتسلق المراتب وخدمة أفراد وتطلعات مرضية، واتخذت وسيلة للارتزاق .
غير أن ما وقع في حادثة الطفل جعلتنا نقف على اخطر من ذلك فلا يختلف اثنان على صحة ما قيل في شأن البعض الذين يأسسون جمعيات للنفع والاسترزاق ، لكن أن يتم استغلال هذا الغطاء لتفريغ المكبوتات فهذا يتنافى مع أخلاق وقيم ومبادئ العمل الجمعوي ولا يقبله أحدا ، حتى اصبحنا أمام مظهر جديد من مظاهر الفساد في المغرب يمكن تسميته بالفساد الجمعوي،
هي فوضى إذن ضمن أنساق فوضوية خلاقة تضمن للفساد الاستمرارية والاستشراء في مفاصل مجتمع لازال طريح فراش . ومن هذا المنطلق وجب على كل فاعل غيور تعرية هذا النوع من الفساد، لأن أولى خطوات الشفاء تمر حتما عبر التشخيص الدقيق لمكامن الداء حتى يتسنى لشرفاء وأحرار هذا الوطن النهوض بمهامهم ومواجهة هذا الفساد.
وجب أن نقف وقفة تأمل حازمة ونطرح أسئلة جريئة على الذات المجتمعية لتقييم ما آلت إليه منظومتنا الأخلاقية.
و مدى مصداقية ونبل أهداف العمل الجمعوي ، لأن هذا الفعل الشنيع يعد مساسا خطيرا بمصداقية هذا العمل التطوعي، وفي الآن نفسه ضرب للعمل الجمعوي الجاد، بل يعتبر احتقارا واستصغارا لعقول المواطنين، كما أنه ينم عن ذكاء انتهازي بغيض لا يعترف بالقيم وإنما بالغايات ولو بوسائل المكر والتدليس.
ويبقى الأمل معلق على الجمعيات المواطنة التي تناضل حقيقة في المجالات التي تشتغل فيها، وتصمد أمام المضايقات والإغراءات والانحرافات، متشبثة بقيم العمل الجمعوي وفلسفته ومراميه الراقية والنبيلة التي حمتها تضحيات مناضلات ومناضلين شرفاء على مر الأزمان والعقود، جمعيات تحترم الممارسة الديمقراطية وتؤسس لها بإصرار وصمود ونكران ذات.
إن جعل العمل الجمعوي ذا معنى حقيقي يستلزم تمثل الديمقراطية فكرا وممارسة، بمعنى آخر، التجرد من الذاتية والتناغم مع المصلحة العامة، فما أحوجنا إلى جمعيات مناضلة همها تنشأت الشباب والطفولة على قيم المواطنة الحقة وحب البلاد والتطوع ، لكن عندما يصبح تأسيس جمعية مثل شرب قهوة في 5 دقائق فكل من هب ودب سيجد منها غطاءا لتحقيق مبتغاه وأهدافه ودائما تحت غطاء التطوع أو القولة الشهيرة أنا فاعل جمعوي وكأنها أصبحت عملا أو وظيفة ، على كل الأطراف المعنية التدخل لتأطير هذا المجال وتنقيته والتحسيس بأهميته ، فما يروج حاليا ضرب بمجهودات الشرفاء طيلة سنوات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock